17 مايو 2010

أنت منذ الآن غيرك | يوميـات | محمود درويش

هل كان علينا أن نسقط من عُلُوّ شاهق، ونرى دمنا على أيدينا...
لنُدْرك أننا لسنا ملائكة.. كما كنا نظن؟

** ** **
وهل كان علينا أيضاً أن نكشف عن عوراتنا أمام الملأ، كي لا تبقى حقيقتنا عذراء؟
** ** ** **
كم كَذَبنا حين قلنا: نحن استثناء!
** ** **
أن تصدِّق نفسك أسوأُ من أن تكذب على غيرك!
** ** **
أن نكون ودودين مع مَنْ يكرهوننا، وقساةً مع مَنْ يحبّونَنا - تلك هي دُونيّة المُتعالي، وغطرسة الوضيع!
** ** **
أيها الماضي! لا تغيِّرنا... كلما ابتعدنا عنك!
** ** **
أيها المستقبل: لا تسألنا: مَنْ أنتم؟
وماذا تريدون مني؟ فنحن أيضاً لا نعرف.
** ** **
أَيها الحاضر! تحمَّلنا قليلاً، فلسنا سوى عابري سبيلٍ ثقلاءِ الظل!
** ** **
الهوية هي: ما نُورث لا ما نَرِث. ما نخترع لا ما نتذكر. الهوية هي فَسادُ المرآة التي يجب أن نكسرها كُلَّما أعجبتنا الصورة!
** ** **
تَقَنَّع وتَشَجَّع، وقتل أمَّه.. لأنها هي ما تيسَّر له من الطرائد.. ولأنَّ جنديَّةً أوقفته وكشفتْ له عن نهديها قائلة: هل لأمِّك، مثلهما؟
** ** **
أعجبنا حزيران في ذكراه الأربعين: إن لم نجد مَنْ يهزمنا ثانيةً هزمنا أنفسنا بأيدينا لئلا ننسى!
** ** **
مهما نظرتَ في عينيّ.. فلن تجد نظرتي هناك. خَطَفَتْها فضيحة!
** ** **
قلبي ليس لي... ولا لأحد. لقد استقلَّ عني، دون أن يصبح حجراً.
** ** **
أخفى السجينُ، الطامحُ إلى وراثة السجن، ابتسامةَ النصر عن الكاميرا. لكنه لم يفلح في كبح السعادة السائلة من عينيه.
رُبَّما لأن النصّ المتعجِّل كان أَقوى من المُمثِّل.
** ** **
ما حاجتنا للنرجس، ما دمنا فلسطينيين.
** ** **
لا أستطيع الدفاع عن حقي في العمل، ماسحَ أحذيةٍ على الأرصفة.
لأن من حقّ زبائني أن يعتبروني لصَّ أحذية ـ هكذا قال لي أستاذ جامعة!.
** ** **
أنا والغريب على ابن عمِّي.
وأنا وابن عمِّي على أَخي. وأَنا وشيخي عليَّ.
هذا هو الدرس الأول في التربية الوطنية الجديدة، في أقبية الظلام.
** ** **
من يدخل الجنة أولاً؟ مَنْ مات برصاص العدو، أم مَنْ مات برصاص الأخ؟
بعض الفقهاء يقول: رُبَّ عَدُوٍّ لك ولدته أمّك!.
** ** **
لا أَخجل من هويتي، فهي ما زالت قيد التأليف. ولكني أخجل من بعض ما جاء في مقدمة ابن خلدون.
** ** **
أنت، منذ الآن، غيرك!.       2007م