12 ديسمبر 2010

ترمي بشرر (مقنطفات من الرواية 2) - عبده خال

الروائي والقاص السعودي عبده خال
"منذ عشرات السنين ، انطلقت تكبيرات صلاة العيد، وكنت أهم بالإنتقال إلى بيوت الأقرباء من غير أن تطال ملابسي قاذورات الأزقة الملتوية، اعترضتني بقعة ماء موحلة، وكلما حاولت اجتيازها تمددت  سرت بمحاذاتها فاتسعت رقعتها، عدت أبحث عن الجانب الضيق منها كي أقفزه، وكنت أحاذر من أن تصل أوحالها القذرة إلى ثيابي الجديدة فتعكر صفاء العيد، فاحتجت وقتا ليس بالقصير لأن أنقل عددا من الحجارة والأخشاب وأعبد بها ممشاي كي أصل للجهة الأخرى.. بثياب نظيفة وقبل أن أكمل خطواتي المتأرجحة فوق الجسر الذي شيدته، كانت ثمة يد تلقي بصفيحة قاذورات من إحدى الأسطح المطلة فوق هامتي مباشرة! عندها لم يعد مجديا المحاذرة من قاذورات الشوارع، فعدت للبيت أكثر اتساخا، ومضى العيد وأنا أتناشج بحرقة ليس على اتساخ ملابسي الجديدة بل على ضياع العيدية، واتساءل:
هل تحرزنا وحذرنا مما في الأرض يقينا مما يلقى علينا من السماء ؟!
هذه هي الحكمة العظيمة التي تعلمتها وبسببها لم أحاذر بقية حياتي من أي دنس يعلق بي ، سعيت في كل الدروب القذرة وتقلدت سنامها ."

6 ديسمبر 2010

كونشيرتو القدس | ادونيس (قصيدة النثر العربية)

1.
وتر
في زاويةٍ،
في أقصى أحشائي،
غزالةٌ تبكي.
لهذا، كثيراً، رجوتُ الملحَ أن ينتقدَ الخبز. غير أنه لم يستجبْ.
وسمعت من يسألني، خِفيةً:
لماذا يتأخر الموت، عندنا،
ويظلّ تقدّم الحياة موتاً آخر؟
وكيف يُسْجنُ رأسٌ في قَبْوِ كلماتٍ
ابتكرَها هو نفسه؟
وما تلك الكلمات التي تحمل أفكاراً
تُفرغُ الرأسَ من الفِكر؟
*
إنها بومةُ السُّؤال
+تظلُّ جاثمةً بين شفتيّ!
*
أعرفُ اسمكَ، أيّها العَصْرُ، أيّها الشيخُ - الطِّفل الراكض في شوارع القدس. أُمِرْتُ أن أقدّمَ لك عصيرَ اليورانيوم. وسوف أقول للقمر أن يوقّع على
دفتركَ، وللشمس أن تؤرّخ لهذا التوقيع.
وانظرْ: ها هي جدرانٌ تريقُ حليبَ أحزانها
على الأرضِ، فَرحاً بكَ.
وتعرف أنتَ، أيّها الطفلُ - الشيخ، أيها العصر،
أنّ النَّمل أكثر علوّاً من الكواكب:
قدر النّملَ أن يتحدّث مع سليمان،
ولم تقدر الكواكب.
ربما، لهذا يتنبّأُ النمل:
الأحزمة، الأقنعة، الخنادق، الجَرّافات،
القنابل، الصواريخ، الحقائب، الدواليب، الأدمغة الإلكترونية:
تلك هيَ الأيامُ المقبلة.
ربما لهذا،
تتحوّل السماء الى ثُقْبٍ سرّيّ في سَقْف التاريخ.
2.
أَهْلاً بامرئ القيس!

يوميّات (قصيدة) - أدونيس


هل الشّمس في حاجةٍ الى النّهار؟ ليست كذلك في حاجةٍ إلينا. مع ذلك، يؤرّقني هذا السّؤال: كيف ستكون "شمسنا"
في هذه السنة الجديدة؟ وكيف سنمضيها، نحن الفقراءَ
الى النّور؟
***
من أين تجيء تلك القوة في "استبقاء" واقعٍ لميعد من الممكن الدفاع عنه، ولا احتماله؟
إضافة الى أنّ قول الحقيقة فيه ليس إلاّ نوعاً
من الانتحار.
***

3 نوفمبر 2010

سأُريك الخوف بحفنة من رماد | ت. س. إليوت (1888 - 1965) الملف الكامل

ولد توماس ستيرنز إليوت في سانت لويس بميزوري العام 1888، من عائلة سكنت منطقة نيوانغلاند منذ القدم. درس في جامعة هارفارد وتخرّج منها بإجازة في الفلسفة، ثم تابع دراسته في السوربون، وهارفارد، وكلِّيتَي ميرتو وأكسفورد. استقرّ في إنكلترا، حيث كان لفترة من الوقت يعمل كمدرّس وموظّفاً في البنك، بعد ذلك عمل محرّراً أدبياً في دار نشر «فابر آند فابر»، وأصبح مديراً لها في وقت لاحق. أسَّس وحرّر مجلة «كريتيريون» الأدبية لفترة سبعة عشر عاماً (1922 - 1939). وفي العام 1927 نال الجنسية البريطانية، بينما حصل في العام 1948 على «جائزة نوبل».
كان إليوت واحداً من أكثر الشعراء جرأة وإبداعاً في القرن العشرين. سار وفق منهج شعري رصين يتمثّل في رؤيته إلى أن الشعر ينبغي أن يستهدف تمثيلاً حقيقياً لتعقيدات الحضارة الحديثة في اللغة، وهذا التمثيل بالضرورة يؤدي إلى صعوبة الشعر. وبالرغم من صعوبة رؤيته إلا أن تأثيرها على الحركة الشعرية اكتسح جميع التوقّعات وقتها وحتى اليوم. شعره بدءاً من «بروفروك» وصولاً إلى «أربع رباعيات» يعكس نضجاً متسارعاً لشاعر شاب: أعماله المبكرة، وخصوصاً «الأرض اليباب» (1922) التي تصوّر عالماً تشاؤمياً وتنقل تعبيراً عن رعب مذهل يصاحب البحث عن عوالم أخرى بعيدة. في «أربعاء الرماد» و«الرباعيات» يصبح هذا العالم أكثر وضوحاً، ونرى إليوت بنكهة مسيحية في بعض أعماله مثل «إعادة شمل العائلة» رغم أنه غالباً ما نأى بنفسه عن أن يكون شاعراً دينياً. في مقالاته، لا سيما المتأخّرة منها يدعو كثيراً إلى الحفاظ على التقليد في المجتمع وكذلك في الأدب؛ الأمر الذي يتناقض مع كتابته الأدبية الجريئة الرائدة في الخلق والتجديد.

10 أكتوبر 2010

أيّها اللّيلُ الأبديُّ، احتسبني ابنكَ (3 قصائد) فيرناندو بيسوا

 Fernando Pessoa فيرناندو بيسوا



في داخلي مثل سديمٍ
يتواصلُ ولا شيءَ هُوَ،
حنينٌ إلى لا شيءَ أبداً،

رغبةٌ إلى شيءٍ غامضٍ.
يلفّني
كضبابٍ، فأرى
آخرَ نجمٍ يلمعُ
فوقَ عقبِ السيّجارةِ في المَرْمدة.
دخّنتُ حياتي. كم هُوَ غامضٌ
كلُّ الذي رأيتُهُ أوْ قرأتُهُ!
العالمُ كتابٌ مفتوحٌ هائلٌ
يسخرُ منّي بلسانٍ مجهولٍ.
 
كلّلونيَ بالوردِ
كلِّلُونيَ بالوردِ،
كلّلونيَ بالوردِ