2 أغسطس 2012

تلك العتمة الباهرة (مقتطفات من الرواية) - الطاهر بن جلون

الطاهر بن جلون
"الوجع يمنحني صفاء غير معتاد .. أتالم ولكني أعلم ما الذي ينبغي فعله لكي تتوقف هذه المكيدة" 

"التذكُّر هو الموت ، لقد استغرقتني بعض الوقت كيما أُدرك أن التذكر هو العدو . فمن يستدعِ ذكرياته يمُت توًا بعدها كأنه ابتلع قرص السُم ." 

"إن الانسان له رفعة أكبر وهو ميت منه وهو حي ، لأنّه إذ يعود إلى التراب يمسي تُرابًا ، وما من شيءٍ أكثر رفعة من التراب الذي يوارينا ويُغمِضُ أعيُننا و يُزهِر في خلودٍ بهيًّ ." 

"في شخصية كل انسان يكمن قدر من السوقية !" 

"و للمرة الأولى منذ ثمانية عشر عاماً أقفُ قبالة صورتي . أغمضت عيني . أحسست بالخوف . 
خفت من عينيّ الزائغتين ، من تلك النظرة التي أفلتت بمشقة من الموت ، من ذلك الوجه الذي شاخ و فقد سيماء انسانيته .." 

"إن أكثر الأمورالاعتيادية تفاهةً، تصبح في المحن العصيبة، غير اعتيادية، لا بل أكثر مايُرغَب فيه من أمور الدنيا."
"ردّد في سرِّك إن الصمت مريحٌ لك وللآخرين ، وبخاصةً الآخرين ." 

"في تلك اللحظة عشت هنيهات من الطمأنينة الغامرة. فما عاد شيء يقدر على أن يصيبني. أن أخرج، أن أبقى، أن أنجو، أن أموت؛ سيان عندي. فلسوف أكون من الناجين ما دامت لي القدرة على الصلاة وعلى التواصل مع الخالق. لقد بلغت أخير عتبة الأبدية، هناك حيث لا وجود لحقد البشر وخستهم و صغارتهم"

"كم هو صعب أن نموت ، حين نُريد الموت ." 

"الحِقد يُضعِف. إنّه يتأكّل الجسم من الداخل ويصيب جهاز المناعة. فعندما يقيم الحقد في دواخلنا، ينتهي الأمر بأن يسحقنا." 

"كُنت قد لزمت الصمت .. مقتنعا بأني صرت كتابا لن يفتحه احد *" 

"تجربة مغرية أن تستلم لحلم يقظة يثرى فيه الماضي صوراً مجملة في الأغلب , ومغبشة أحياناً, وواضحة في أحيان أخرى, تتدفق دونما ترتيب أو نسق , باعثة شبح الرجوع إلى الحياة, مضمخة بعطور الإحتفال , أو الأدهى , بعطور السعادة الإعتيادية : آه من رائحة القهوة الصباحية والخبز المحمص, آه من وثر الشراشف الدافئة وشعر امرأة ترتدي ثيابها ..... آه من صباح الأولاد في ملعب المدرسة, ورقصة الدوري في كبد سماءٍ صافية , ذات عصر ! آه كم هي جميلة أشياء الحياة البسيطة, وكم هي مرعبة حينما لاتعود هنا, دونها المستحيل إلى الأبد.
إن أكثر الأمور الاعتيادية تفاهةً، تصبح في المحن العصيبة، غير اعتيادية، لا بل أكثر ما يرغب فيه من أمور الدنيا ." 

"لفرط ما لطمتُ رأسي تورّم ، لكنه صار أخفّ لأنه أُفرغ من ذكريات كثيرة ." 

"الزمن هو الزمن، يمحو ويقصي من العين والقلب الأشياء التي كانت مُنية العين والقلب" 

"إني أعرف مقدار ما يستطيعه البشر إذا قرروا أن يؤذوا بشرًا آخرين" 

"إن أكثر الأمور الاعتيادية تفاهةً , تصبح في المحن العصيبة , غير اعتيادية , لا بل أكثر ما يُرغب فيه من أمور الدنيا ." 

"فالضعف يكمن في أن تؤخذ المشاعر على أنها الواقع؛ في أن تصبح متواطئا مع كذبة تنطلق من ذاتك لترتد إلى ذاتك، فتحسب أنك بذلك خطوت خطوة نحو الأمام" 

"ماعادت تتملكني الحاجة إلى النظر إلى صورتي فى المرآة، إلى تصويب تفصيل أو، ببساطة، إلى التعرّف إلى ذاتي، إلى التثبت من أني مازلت الشخص الذي اعتدت أن أكونه. تلك العادة المفقودة، المنسية، ماعادت تعنيني. فما جدوى أن يرى المرء نفسه؟ الظاهر أن على المرء أن يحب نفسه قليلاً لكي يحب الأخرين. أما أنا فليس لدي من أحبه أو أكرهه." 

"اصمت وحاول أن تفكر تبعاً لوتائر تنفسك. تعلم أن تستسيغ الصمت. ردد في سرك أن الصمت مريح لك وللأخرين." 

"علينا بالصلاة من دون أن نأمل بمقابل.
تلك هي قوة الإيمان." 

"الضعف يكمن في أن تؤخذ المشاعر على أنها الواقع، في أن تصبح متواطئاً مع كذبة تنطلق من ذاتك لترّتد إلى ذاتك." 

"فبرغم كل شئ، لايعقل أن يكون لديمومتنا أي معنى. إنها ناجمة عن خلل ما، فهى بالنسبة للبعض كناية عن احتضارٍ متمادٍ، وللبعض الأخر مظاهر من حياة قارة في سكنات بسيطة حيث ابتلاع عقار ما، مهما كان، هو حدث العام المميز." 

"إنّ الإنسان مذهِل، لديهِ من الإرادة ما لا يُحسَبُ له حِساب!" 

"قوة شخصيتك هي حريتك" 

"لم يكن لدي أعداء، وامتنعت عن تغليب أي نازع سيئ فيّ.
فقد أدركت كم كان مرهقاً أن أقضي وقتي منصرفاً إلى تقطيع من تسببوا لىّ بذلك القدر من الألم، إلى أشلاء.
صممت على إغفال كل ذلك.
وبذلك تخلصت منهم جميعاً كأني قتلتهم من دون أن ألطخ يديّ،
ومن دون أن أجترّ، إلى الأبد، تلك الرغبة في أن يعانوا الشقاء الذي عانيته." 

"أعتقد أن الله سيغفر لي. فالله حق. والله خير. والله رحمن. والله رحيم. إني أتوق لأن أُستَدعى إلى رحمته" 

"لقد بلغتُ أخيراً عتبة الأبدية، هناك حيث لا وجود لحقد البشر وخستهم وصغاراتهم، هكذا بلغتُ، أو كنت أعتقد أني بلغت، وحدةُ ساميةُ، تلك التى ترتقي بي فوق الظلمات وبتعدني عن المتجبرين على كائنات ضعيفة. ماعاد في صدى لأنين، لقد أحيلت أعضاء جسمي كلها إلى الصمت، إلى شكلٍ من أشكال السكون الذي لم يكن تماماً هو الراحة، ولا الموت." 

"حتى إنى لم أعد محتاجاً إلى إحراق الصور أو ترتيبها .
صرت أقوى من إختبار الدموع الذي يُفضي إلى نفق آخر.
أرى أن ذكرياتي كأنها ذكريات شخص آخر. ولست، أنا، سوى دخيل، متلصص." 

"إني لا أصلي من أجلي، وليس رجاءً بشي..بل دفعاً لشقاء البقاء، أصلي دفعاً للقنوط الذي يهلكنا" 

"كنتُ قد أصبحتُ أعمى. و كيف لي أن أبرهن لذاتي أني لست أعمى؟!" 

"للموت رائحة، مزيج من الماء الأجاج والخل والقيح. مزيج جاف وحاد. ولطالما ترافق صياح الخبل مع تلك الرائحة النافذة. نعرفها بالحدس، ولاداعى للتثبت منها. وعندما يأتى الحراس صباحاً حاملين الخبر والقهوة، كنا نقول لهم: ((ربما هناك ميت، نحققوا من الأمر))." 

"أعطني القُدرة على أنْ أنسى، أنِ أستنكر، أنِ أرفُضَ، أنِ أرُدّ على الحقدِ بالحقد. اجعلني في مكانٍ آخر. أعِنّي على أنِ أخرُج، لُطفاً، من جسدي هذا الذي ما عادَ يُشبِهُ جسداً، بلْ رُزمة عظامِ مُشوّهة." 

"الضعف يكمن في أن تؤخذ المشاعر علي أنها واقع ، في أن تصبح متواطئاً مع كذبة تنطلق من ذاتك لترد إلي ذاتك فتحسب أنك بذلك خطوت خطوة إلى الأمام ." 

"الثآر ينضح برائحة الموت النافذة ولا يسوي مشكلة." 

"كان غرضي أن أتجاوز فكرة الثأر على نحو قاطع.
أن أكون في الماوراء، وعدم الإكتراث لتلك الهموم.
ذلك أن الثأر ينضح برائحة الموت النافذة ولا يسوى مشكلة.
لم أعد أجد أحداً أُبغضه.
وكانت تلك مجدداً، علامة حال هي الأحب من بين الأحوال: كنت رجلاً حراً." 

"الزمن هو الزمن، يمحو ويُقصي من العين والقلب الأشياء التي كانت مُنية العين والقلب." 

"في شخصية كل إنسان يكمن قدرُ من السوقية" 

"تـُراه بماذا يفكر ذلك الإنسان الذي يسيل دم الآخرين على وجهه؟ أيفكر في زهرة، في الأثان على التلة، في طفل يلعب دور الفارس وسيفه عصا. ربما لا يفكر البتة. يحاول أن يغادر جسده، وألا يكون هناك. يحاول أن يصدق أنه نائم وأن ما يراه إنما حلمٌ مفرطٌ في قبحه." 

"كنت أراه وأدعه عابراً مثل خيالٍ في حياتي.
كان أيسر علي أن أكرهه، أن أحقد عليه وأنمي رغبة في الإنتقام منه في أعماقي.
غير أن ذاك اليُسر محاط بالأفخاخ: تبدأ الحكاية بمراودات الكراهية، وتنتهي بأن تصبح سماً يسري فى دمك ويقتلك." 

"لم يكن الالم هو الذي أشار عليّ بالطريق التي اسلكها، بل أنا، ذاتي، قبل ايّ ألم. وبصرف النظر عن ايّ ألم، كان ينبغي ان أنتصر على شكوكي، ومكامن ضعفي، خصوصا الأوهام التي يُغذيها كل كائن بشري" 

"إلهي، لقد تعلمتُ منك أن الجسد الصحيح ينبّئنا بجمال الكون....إنه نور؛ نور مافي الحياة....بمشيئتك، لن أكون مطفأً، مابقيتُ" 

"آهـ من رائحة القهوة الصباحية والخبز المحمص ،آه من وثر الشراشف الدافئة و شعر امرأة ترتدي ثيابها .. آه من صياح الاولاد في ملعب المدرسة ، و رقصة الدواري في كبد سماء صافية، ذات عصر ! كم هي اشياء الحياة بسيطة وكم هي مرعبة حين لا تعود هنا، دونها المستحيل الى الابد" 

"كان الليل ماثلاّ ليذكرنا بهشاشتنا. ان نقاوم ما أمكننا. ألا نسقط. أن نوصد كل الابواب. أن نتصلب. أن نفرغ أذهاننا من الماضي. أ ننظفها. ألا نترك أثرا منه في الرأس. ألا ننظر الى الوراء وان نتعلم ألا نتذكر" 

"فالضعف يكمن في أن تؤخذ المشاعر على أنها الواقع.
فى أن تصبح متواطئاً مع كذبة تنطلق من ذاتك لترتد إلى ذاتك،
فتحسب أنك، بذلك، خطوت خطوة إلى الأمام"
----------------------------------
 تلك العتمة الباهرة  - الطاهر بن جلون - دار الساقي - 2001
الطاهر بن جلون (ولد في 1 ديسمبر 1944، فاس) كاتب مغربي فرنسي. انتقل إلى طنجة مع أسرته سنة 1955 حيث التحق بمدرسة فرنسية. وكان قد اعتقل عام 1966 مع 94 طالب آخر لتنظيمهم ومشاركتهم في مظاهرات 1965 الطلابية، وهي تجربة دفعته بحماس إلى تبني نوع آخر من المقاومة أساسه الكلمة لا الفعل. درس الفلسفة في الرباط ثم بدأ يدرسها إلى غاية 1971 حين إعلان الحكومة المغربية عزمها تعريب تعليم الفلسفة. ورداً على هذه الخطوة، غادر المدرّس الفرنكوفوني  صوب  حيث حصل على شهادة عليا في علم النفس. وبدأت مسيرته في الكتابة بعد فترة قصيرة من وصوله إلى باريس حيث عمل كاتبا مستقلا لصحيفة لوموند وبدأ ينشر  و . ويكيبديا

تلك العتمة الباهرة (مقتطفات من ) - الطاهر بن جلون