1 أكتوبر 2010

يُشاع أنه داء غامض (قصيدة) - أدونيس

لم أر الشس تقطّر إكسير الشجر والنباتات، كما رأيتها هذه المرة، قي قصّابين. كانت تبدو كأنها تستخرجه بنوع من النهم السماوي، أو بنوع من الشراسة المقدّسة. ثم تقذف به في أنابيب من جمرها المشتعل. كأنها كانت عازمة على تغيير عادات البراعم والغصون والجذوع. حتى أنني رأيت شجرة العنّاب تضع خدّها على التراب. ورأيت الدالية تبكي حزناً على جدائلها. ورأيت كيف تيبسُ أهداب الياسمين.
الحجارة، وحدها، كانت هانئة.
كان كل حجر يلبس قبعة نسجتها يد الشمس نفسها بالخيوط التي تتفتّق من أشعتها. لم تكن لي أية قدرة على مجابهة هذا العنف الشمسي. عجزَ عن ذلك حتى الغرقُ الذي أسلمني إلى محيط الكتابة.
أحبكِ، أنت أيتها الكلمات التي تضحك مهما عبس الفضاء، أو أنتِ التي ترقصُ مهما كانت كثيفة وعالية تلك السلاسل والأسوار التي يضربها حولك الموت.
-2-
مع ذلك، أتيح لي، هذه المرة في قصّابين، ان أرى كثيراً من جثث الأيام التي يجثم عليها التاريخ، أن أرى إلى كثير من أجنة الحاضر تُخنق في أرحامها، واحداً واحداً. وشعرتُ ان في رأسي كوكباً مذنّباً من العذاب. يبدو من الجمجمة، ويعلم الظن وحده كيف سينتهي، بعيداً في منقلب يهيمن عليه كرسي الغيب.

18 سبتمبر 2010

حكاية أغصان الشتاء والعظام القديمة (8 قصائد) وليام كارلوس وليامز

William Carlos Williams  وليام كارلوس وليامز

قصيدة الصفصافة

إنها صفصافة حين ينقضي الصيف،
صفصافة على ضفة النهر
لم تسقط أي من أوراقها ولا حدث
حين عضتها الشمس
أن صارت برتقالية أو قرمزية.
الأوراق تتشبت وتصبح أكثر شحوباً،
تتأرجح وتصبح أكثر شحوباً
فوق مياه النهر الدوارة
كما لو كانت تكره أن تنفصل،
كم هي باردة، وكم هي ثملة
من دوران الريح والنهر –
ناسية الشتاء،
هي آخر ما ينفصل ويسقط
في الماء وعلى الأرض.

يوم الخميس – ويليام كارولوس ويليامز

كان لي حلمي – كالآخرين –
ولم يفضِ إلى شيء، وهكذا
أبقى الآن بلا مبالاة
بقدمين مغروستين على الارض
وأنظر إلى السماء –
متحسساً ملابسي التي ارتديها،
وزنَ جسمي في حذائي،
أطراف قبعتي، الهواء الذي يمر دخولاً وخروجاً
في أنفي – وأقرر أن أتوقف تماماً عن الحلم.

17 سبتمبر 2010

مذبحة شاحبة تحت ضباب مشرق (عشر قصائد) عزرا باوند


Ezra Pound عزرا باوند
القصيدة الأولى- فتاة
دخلت الشجرة يدي،
صعد النسغ في ذراعيّ،
نمت شجرة في صدري –
ألى أسفل،
الفروع تنبثق مني، كالأذرع.
شجرة أنت،   
طحلب أنت،
أنت بنفسجات يعلوها الريح.
طفلة – سامقة جدا – أنت،
و هذا كله في نظر العالم حماقة.
القصيدة الثانية – أبريل
ثلاثة أرواح أتت إليّ
وانتحت بي
إلى حيث أغصان الزيتون
كانت ملقاة على الأرض:
مذبحة شاحبة تحت ضباب مشرق.
القصيدة الثالثة – المولود
المولود الجديد على الارض والسماء
لم يكن أبدا حتى الآن
قد سأل نفسه
أو سألنا فيما إذا كانت البقرة
أرقى في ميزان العقل

28 أغسطس 2010

لا تنظر فالعالم على وشك أن يتحطم (7 قصائد) هارولد بنتر


 هارولد بنتر Harold Pinter

Don t Look |  لا تنظر (هارولد بنتر  Harold Pinter)

لا تنظر فالعالم على وشك أن يتحطم
لا تنظر..
فالعالم على وشك أن يتخلص من كل نوره وبهائه ليحشرنا في حفر عتمته الخانقة
حيث نقتل أو نُقتل أو نرقص أو نبكى
ثم نصرخ كالفئران ونحن نتفاوض على سعر لبداية جديدة

22 أغسطس 2010

للحلم رائحة المطر| أشجان الهندي

الشاعرة السعودية أشجان الهندي
كنت قد قطَّعت غابات الحصار، وما انتهى حلمي القديم،
ولا صاحت عيناي إلا كي تضم الغيم، تفرشه على شرفاتها،
وتروح تمطره على جدب النيام.
«يا جارة الوادي طربت»
وعادني في الليل سيلٌ من حمام
متظاهرا بالصمت عاد، فهل أطارحه الكلام؟
يا جارة الأحلام تمطر في يدي لغةٌ من الأغلال،
والمطر استباح غلالتي،
والريح، كل الريح تنفث وقتها في معصمٍ خاوٍ
على كف يعفِّره الجليد.
وأنا التي....
لم أدر ما
حتى تحاشد بين غيم العين فيض من نشيد
وأنا التي
لم أدر ما سر انطفاء البرق في زمن يريد.

8 أغسطس 2010

كيف تحيا مع الموت | سلفادور دالي

Dali
أنا، دالي، استهل كتابي باستغاثة موتي.
أراني لا أبتعد عن مغزى التناقض بين الأمرين، كي يفهم الجميع عبقرية الأصالة في رغبتي بالحياة.
فقد عشت مع الموت منذ اللحظة التي نما فيها وعيي بالتقاط أنفاسي، وظل الموت يقتلني دائما بشهوانية باردة، لا يتخطاها أبدا إلا شغفي الصافي في أن اختط حياتي وأعيشها في كل دقيقة، وكل ثانية مهما صغرت، على وعي تام بكوني حيا. هذا التوتر المستمر، العنيد، الهمجي، المفزع هو القصة كلها في مسألتي.
إن لعبتي الأسمى حي أن أتخيل نفسي ميتا، يأكلني الاود. أغلق عيني وبتفاصيل لا تصدق في دقتها التامة والوعرة، أراني أزدرا وأهضم في بطء بواسطة كم لعين من جحافل أود الأرض الضخم المخضر، ينهش لحمي يقيم في محجر عيني بعد أن يقرض العينين ويلقيهما بعيدا، ليبدأ في افتراس مخي بشراهة. أكاد أشعر _على لساني _كيف يسيل اللعاب فيستعذبه وهو يعضني. وتحت ضلوعي تجعل أنفاسي صدري منتفخا، بينما بفكها تحطم أنسجة رئتي الشفافة. يستريح قلبي قليلا، لاثبات وجوده وحسب، لأنه طالما خدمني بصدق، أراه مثل كعكة اسفنجية سمينة يتاخمها الصديد الذي يتفجر فجأة ويندفع داخل عجينة تزحف كأنها يرقات بيضاء مكتنزة. وهنا يصل بطني: عفن نتن ينقبض بقوة مثل فقاعة تملؤها جيفة، خليط روثي يحتشد من حياة استثنائية. وللمرة الأخيرة أطلق زفراتي، مثل بركان عجوز يبكي منتزعا من الحمم مصدوعا في العظام مثخنا بالاود الذي يولم فوق نخاعي. كم أجد ذلك تدريبا رائعا أكرره كلما تذكرت العودة اليه.

3 أغسطس 2010

وجوه (قصيده) - قاسم حداد

الشاعر البحريني قاسم حداد Qasim Haddad
غابة أم بشر 
هذي الوجوه التي تأرجح أحداقها
في زجاج الفضاء
بهجة أم كدر.
( 2 ) 
تقـدم
نعـد لك الأعـراس و الـمراثـي ,
تقدم
تقدم.
( 3 )
كلما وضعت عليك عضوا
لئلا تصيبك الوحشة ,
انتابتني النصال ,
النصال كلها .
ها جسدي يكاد أن يذهب
مشغوفا بك ,
و أنت في الفـقد .