‏إظهار الرسائل ذات التسميات شارل بودلير. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات شارل بودلير. إظهار كافة الرسائل

22 أغسطس 2012

الزحام - شارل بودلير (قصيدة)

 شارل بودلير / Charles Baudelaire
لم يتيسَّر لكل إنسان أن يستحم في حشد من الناس: إن التمتع بالزحام فنٌّ؛ ولا يستطيع القيام بعربدة حيوية، على نفقة الجنس البشري، سوى هذا الذي نفخت جنّية فيه، وهو في مهده، طعمَ التنكّر والقناع، كراهية البيت وحب السفر.
حَشدٌ، وَحْدةٌ: مفردتان متعادلتان وقابلتان للتحوّل بالنسبة إلى الشعراء النشطين والغزيرين. هذا الذي لا يعرف كيف يجعل وَحْدته مكتظة، لا يعرف أيضاً أن يكون وحيداً وسط زحامٍ منهمكٍ في أشغاله.

20 يوليو 2010

سماء مأساوية (المختارات من اليوميات) شارل بودلير

شارل بودلير /  Charles Baudelaire
" رسم الارابيسك هو اكثر الرسم مثالية . "
" روح الدعابة يمكنها الا تتنافى مع المحبة ، لكن ذلك امر نادر. "
" الحماسة تجاه اي شيء بخلاف المجردات ، علامة على الضعف والمرض النحافة اكثر عريا، واقل احتشاما من السمنة . "
" سماء مأساوية - صفة :آت طبيعة مجردة ملحقة بكائن مادي. الانسان يشرب الضوء مع الجو، هكذا يكون الشعب على حق في قوله ان هراء الليل غير صحي للعمل . " " اذا افترضنا من ولد عابدا للنار، من ولد مجوسيا، يمكننا أن نخلق جديدا في الموسيقى  تقتحم السماء .  "
" كان جان جاك يقول انه لا يدخل مقهى الا بشيء من الانفعال . بالنسبة للطبيعة الخجولة ، التحكم المسرحي يشبه الى حد ما محاكم جهنم .  "
" ليس للحياة الا سحر حقيقي واحد: سحر اللعب . "
" عن النعاس ، مغامرة كئيبة لكل المساءات ، يمكننا ان نقول ان البشر ينامون يوميا بجرأة ستكون غير معقولة اذا ادركنا نتائج الجهل بالخطر.  "

14 يونيو 2010

‏ كآبة - شارل بودلير (قصيدة)

حين تنيخ السماء الواطئة والثقيلة كغطاء‏
فوق روح تئن فريسة القلق 
الطويل،‏
ومن الأفق الذي يعانق الكون‏
تمطرنا بنهار أسود أشد حزناً من الليل،‏
حين تتحول الأرض إلى زنزانة رطبة،‏
حيث يطير الأمل مثل وطواط،‏
فيصدم الجدران بجناحه الجافل‏
ويضرب رأسه بالسقوف المعفنة؛‏
حين ينشر المطر سحبه الكبيرة‏
مقلّداً قضبان سجن فسيح،‏
ويأتي قطيع أخرس من العناكب المقززة‏
يأتي لينصب شباكه في أعماق أدمغتنا،‏
فجأة تثب أجراس غاضبة‏
وتطلق نحو السماء عواءً منفراً،‏
مثل أرواح تائهة بلا وطن‏
تغرق في الشكوى بعناد شرس.‏

2 يونيو 2010

الدعـوة إلـى السـفـر (النص النثري) شارل بودلير

 شارل بودلير /  Charles Baudelaire
إنه بلد حقيقي لـ "النعيم"، كل شيء فيه جميل، غني، هادئ، وفاضل، يحلو فيه للفخامة، أن ترى نفسها مجلوة في نظام؛ الحياة فيه، ثرة ناعمة للتوق إليها؛ من حيث الفوضى؛ فإن الشغب وغير المتوقع، قد استبعدا؛ السعادة فيه، مقترنة بالهدوء، والمطبخ بالذات شاعري، دسم، ومثير في آن؛ الكل فيه يشبهكم ملاكي العزيز. 
أتعرفين هذه الحمى التي تتسلط علينا عند الشدائد القاسية، وهذه النوستالجية للبلد الذي نجهله، وهذا التضايق من حب الاستطلاع ؟ توجد بقعة تشبهك، كل شيء فيها جميل، غني، هادئ وفاضل، الخيال فيها شيد وزخرف "صينا" غربية، الحياة فيها ثرة ناعمة للتوق إليها، والسعادة فيها مقترنة بالهدوء. هناك ينبغي شد الرحال إليها للعيش، وهناك ينبغي الذهاب للموت فيه ! 
أجل، هناك ينبغي أن نصبو، وأن نحلم، ونمدد الساعات من خلال اللانهائي للمشاعر، كتب موسيقار لحنا لـ "الدعوة بالفالس ". فمن ذا الذي سيلحن "الدعوة إلى السفر" التي يمكننا تقديمها إلى المرأة التي نحب، والأخت التي وقع عليها الاختيار ؟ 
أجل، في هذه البيئة سيطيب العيش – هناك الساعة فيها أبطأ، تتضمن مزيدا من الأفكار، وآلة الساعة فيها ترن سعادة بأبهة اعمق وأكثر دلالة. 
فوق دعامات خشبية مضيئة، أو فوق جلود مذهبة ومن نفائس داكنة اللون، تحيا ببساطة، لوحات تشكيلية وديعة، هادئة ومتأصلة، مثل نفوس الفنانين الذين أبدعوها. 
الشموس الراقدة التي تلون قاعة الأكل تلوينا بمثل هذه الأبهة، أو الصالون، متسللة من خلال القماشات الرائعة أو من خلال هذه النوافذ العالية المتقنة الصنع بمهارة، التي يقسمها الترصيص إلى أجزاء متعددة. الأثاث وافر، طريف وعجيب، مسلح بالمغالق وبخزائن الأسرار، مثل نفوس مرهفة. تعزف المرايا والمعادن والقماشات والصباغة والخزفيات، هناك للعيون سينفونية صامتة ومليئة بالأسرار؛ ومن كل الأشياء، وكل الزوايا، وشقوق الأدراج، وثنايا القماشات، يتسرب عطر فريد، "عودة معهودة " من سمطرة، عطر مثل روح الشقة.

الدعوة إلى السفر- شارل بودلير (قصيدة)

 شارل بودلير /  Charles Baudelaireولدي، أختي، 
أحلمْ بطريقة لطيفة
أحلْم بأن نذهب إلى هناك،لنعيش جميعاً
ارغب في الراحة
أحب ومْت،
في البلد الذي يشبهك !
شموُسه المبللة
من هذي السماوات الملبدة
من أجل روحي لها المفاتنُ
المكتنفة كثيرا بالأسرار
مفاتن عينيك الخائنتين،
تلمعان عبر دموعهما
هناك ... كل شيء ليس إلا نظاما وجمالا،
فخامة، هدوءا، واشتهاء حسيا.
سوف يزين غرفتنا،
أثاث متوهج،
صقلته السنون؛
الزهور النادرة جدا
تمتزج أرائجها
بروائح العنبر الملتبسة
] وإذا لقيت، هناك، لقيت [ السقوف الباذخة
والمرايا العميقة،
والتألق الشرقي،
كل شيء سوف يتحدث هناك.

27 مايو 2010

الباطروس - شارل بودلير (قصيدة)

شارل بودلير /  Charles Baudelaire
لكي يزجون أوقات فراغهم يتلهى رجال البحر
بطيور الباطروس تلك المخلوقات البحرية الضخمة
المرافقة الكسولة لجوابي البحار
حينما تشق سفنهم عباب البحر وأجاج الملح...
وما أن تحط قدميها على سطح سفينة
حتى تجر ملوك للآفاق هذى
في رعونة تدعو للرثاء...
أجنحتها الضخمة البيضاء...
كما تنجر المجاذيف على جانبي قارب.


ياله من أخرق وضعيف هذا المسافر المجنح ...
لقد كان قبل وقت وجيز يكسوه البهاء...
وهو الآن قبيح ومثير للضحك وللرثاء.
أحدهم يمعن في مضايقته بمداعباته السخيفة المؤذية...
والآخر يومىء إليه ويتبعه هازئا من عجزه المهيض...
إن الشاعر شبيه بأمير الآفاق هذا...
يرتاد العواصف ويهزأ من نبل الصياد ...

الملاح المحنك - شارل بودلير (قصيدة)

شارل بودلير /  Charles Baudelaire
يا موت !.. أيها الملاح المحنك ،
الموكل بسفر الأرواح ،
آن الأوان فأرفع المراسي،
وهيئ لنا الرحيل
مللنا المقام هنا – يا موت! ..
فعجل الرواح
وإن يكن –أيها الملاح!–
قد أدلهم
أمامك البحر والسماء

23 مايو 2010

مختارات من (سأم باريس) - شارل بودلير

 شارل بودلير / Charles Baudelaire
هكذا سريعا طلعت الشمس مئة مرة من قبل، مشرقة او حزينة، من هذا الحوض الهائل للبحر الذي لا تدرك شواطئه إلا بعناء، وغاصت مئة مرة متلألئة او كئيبة في حمامه المسائي الهائل، ومنذ عدة أيام، كنا نستطيع أن نتأمل الجانب الآخر من قبة السماء، وان نفك شفرة حروف الهجاء السماوية من أقاصي الأرض، وكان كل مسافر يئن ويهمهم. وكأن الاقتراب من الأرض يزيد من معاناته، وكانوا يتساءلون: متي إذن نتوقف عن النوم الذي يهزه الموج. وترهقه ريح يرتفع صريرها اعلي من غطيطنا، متي نستطيع أن نأكل من اللحم غير المملح كالعنصر الكريه الذي يحملنا؟ متى نستطيع أن نهضم في مقعد ثابت؟.
وكان منهم من يفكرون في أوطانهم ويتحسرون علي زوجاتهم الخائنات المتجهمات وعلي ذريتهم المتصايحة. كانوا جميعا يكاد يصيبهم الجنون لصورة الأرض الغانية التي اعتقد أنهم سيأكلون من عشبها بكثير من الحماسة كالبهائم.
وأخيرا ظهرت علامة لساحل. ورأينا عند اقترابنا انه كان أرضا رائعة مبهرة. كان يبدو أن موسيقي الحياة قد استحالت إلي موج هامس وان شواطئها الغنية بالخضرة من كل الأنواع، تضوع روائح منعشة من الأزهار والفاكهة لمسافة بعيدة.
وفي الحال صار الكل سعيدا وهجر مزاجه السيئ ونسيت كل المعارك. وغفرت كل الأخطاء المتبادلة، وكل المبارزات المتفق عليها محيت من الذاكرة، وتطايرت الأحقاد كالأدخنة.
وكنت انا وحدي حزينا، حزينا علي نحو غير مفهوم كنت اشبه كاهنا انتزع منه معبوده، لم اكن استطيع دون مرارة مؤلمة. ان انفصل عن هذا البحر المغوي علي نحو بالغ الوحشية عن هذا البحر المتقلب بطريقة لا نهائية تماما رغم بساطته المرغبة، والذي يبدو انه يحوي في داخله، ويمثل بألعابه، وهيئته وثوراته وابتساماته الطبائع والعذابات والمسرات لكل الارواح التي عاشت والتي تعيش والتي ستعيش!