‏إظهار الرسائل ذات التسميات القصة و الرواية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات القصة و الرواية. إظهار كافة الرسائل

2 أغسطس 2012

فسوق (مقتطفات من الرواية) - عبده خال

الروائي والقاص السعودي عبده خال 
"وجدوا لفافة الكفن منزوية في عمق القبر، عالقة بها خصلات من شعرها الكستنائي الطويل، وما زالت رائحتها ملتصقه به. أكدت رائحتها الندية الفواحة من ثنايا الكفن هربها. علل المحقق استنتاجه بقوله: "لو أنها بقيت بعض الوقت لتخمرت الرائحة، وشابها ما يشبه انتشار رائحة نتن البول القديم". وكان الاستنتاج المبدئي المنساق لمقولة الهروب، أن أسوار مقبرة الأسد، أسوار منخفضة، مكنتها من القفز إلى الشارع العام. هذه الفرضية قابلها سؤال تشبث في مكانه كمسمار صدئ غرسته فوهة العقيد نبيل تركستاني (كأول محقق استلم القضية، وعزف عن المواصلة فيها، بعد أن أمضى سنوات عمره مطارداً المجرمين على اختلاف أرصافهم وفاكاً عقد جرائم غامضة عديدة): لو صح هروبها، فهل تهرب عالية، في حي يعيش عيشة نمل، يتبادل سكانه حالات اليقظة على مدار اليوم. تمادى العقيد نبيل في وضع حواجز أمام هروبها منفردة، بأسئلة متسلسلة على هامش القضية: كيف لها أن تزيح غطاء القبر، وهي الضعيفة القصيرة؟ لا يمكن أن تهرب في وضح النهار، لخطورة اكتشافها من خلال الحارس، أو شرفات العمائر المحيطة بالمقبرة، وإذا كان هروبها ليلاً فهل بقيت داخل القبر أم خارجه؟ يبقى السؤال متى هربت ومن ساعدها على الهرب... عادت فكرة هروب الفتاة الشابة من قبرها، تسيطر على فريق البحث، بتأكيدات لا تقبل المحاجة. بت على يقين أن أحداً ساعدها على الهرب. أزاح لها غطاء القبر، وجلب معه ملابس لتستتر بها، وتولى مهمة إخراجها من المقبرة بطريقته، فمع من هربت. فحّصت كل أوراق القضية، بحثاً عن الشخص الذي يمكن أن يكون قد ساعدها على الهرب، وفي كل مرة اصطدم بما يخيب توقعاتي".

31 يوليو 2012

موتُ فراشةِ العثّ (قصة قصيرة) فرجينيا وولف

فيرجينيا وولف
لا ينبغي تسميةُ فراشاتِ العثِّ التي تطيرُ في النهار فراشاتِ عث؛ إنها لا تثير ذلك الإحساسَ الساحرَ لليالي الخريفِ المعتمةِ وزهرِ اللبلابِ الذي لا تخطئ فراشةُ العثِّ ذات الجناحِ الباطنيِّ الأصفرِ، نائمةً في ظلِّ الستارةِ، إيقاظَه فينا. إنها كائناتٌ هجينةٌ، فلا هي زاهيةٌ كالفراشاتِ ولا هي قاتمةٌ كجنسِها. بَيْد أن النموذجَ الماثلَ أمامنا، بأجنحتِه النحيلةِ بلون القشِّ، مُهدَّبا بشرّابةٍ من اللونِ نفسِه، بدا قانعا بالحياة. كان يوما لطيفا، منتصفَ أيلول، معتدلا، هادئا، إلا أن له نسمةً أحمى من نسمةِ أشهرِ الصيف. كان المحراثُ قد بدأ يخدشُ الحقلَ المواجهَ للنافذةِ، وحيثما مرّت شفرةُ المحراثِ، فإن الأرض قد سُوِّيت وتبرق نداوةً. دخلتْ تلك الحيويةُ متدفقةً من الحقولِ والسهبِ البعيد لدرجة أن إبقاءَ النظرِ مركزا على الكتابِ غدا صعبا. الغربانُ أيضا كانت تقيم أحدَ احتفالاتِها السنويةِ، وهي تحلّقُ فوق رؤوسِ الأشجارِ حتى بدا الأمر وكأن شبكةً عريضةً بآلافِ العُقَدِ السوداءِ قد رُميت في الجو، ثم نزلت ببطءٍ بعد لحظاتٍ قليلةٍ على الأشجارِ حتى بدا كلُّ غصنٍ بعُقدةٍ في نهايتِه. ثم تُنفضُ الشبكةُ مرةً أخرى في الهواءِ، في دائرةٍ أوسع هذه المرة، بأقصى ما يكون من صياحٍ وجلبةٍ، كما لو كان رميُها في الهواء واستواؤها ببطءٍ على قممِ الأشجارِ تجربةً في منتهى الإثارة.

29 يوليو 2012

مقتطفات من رواية (الأخوة الأعداء) نيكوس كازانتزاكيس

 نيكوس كازانتزاكيس
" إنه ذنبي أنا وذنب البشر أن يأكل هذا الطفل تراباً، وليس ذنبك يا إلهي، الذنب في رقبتي"

" - أنا لا استطيع العيش دون يقين
- وهل تعتقد إذن أيها الشاب أن الخير الأعلى هو الطيبة
- نعم، الطيبة
- لا، بل الحرية أو بعبارة أدق الصراع من أجل الحرية."

"نحن نصارع من أجل شيء لا يمكن بلوغه ولهذا السبب لم يعد الإنسان حيواناً"

28 يوليو 2012

حكاية الجزيرة المجهولة | خوزيه ساراماغو

جوزيه دي سوزا ساراماغو

ذهب رجل ليطرق باب الحاكم وقال : اعطني قاربا .

كان لبيت الحاكم أبواب كثيرة ، لكن هذا كان باب الالتماسات ، وبعد أن الحاكم يمضي كل وقته في باب التملقات (المكان الذي يأتي اليه الناس كي يتملقوا الحاكم كما تعرفون ) ، كان كلما سمع أحدا يطرق باب الالتماسات يدعي عدم الفهم ، فقط حين يصبح الطرق المستمر على المقبض البرونزي أكثر من مسموع ويصير فضائحيا مخلا بالأمن في الحي (حيث يبدأ الناس يدمدمون ، أي نوع من الحكام عندنا هذا الذي لا يرد على الباب ) ، فقط عندها يأمر السكرتير الأول بأن يذهب ويرى ماذا يلتمس الملتمس الذي رفض أن يصمت .

ينادي عندها السكرتير الأول على السكرتير الثاني، الذي يبعث للسكرتير الثالث ، الذي يأمر المعاون الأول ، الذي بدوره يأمر المعاون الثاني، وهكذا يستمر الأمر للأدنى فالأدنى حتى يصل إلى عاملة النظافة ، التي لا يوجد لديها من تأمره ، فتفتح الباب عن شق وتسأله عبر الصدع ، ماذا تريد . يشرح المتوسل أمره ،

24 يوليو 2012

رساله الوداع لجابرييل جارسيا ماركيز الى محبيه فى العالم

غابرييل غارسيا ماركيز

لا تنتظر أكثر | بقلم غابرييل غارسيا ماركيز

"لو شاء الله أن ينسى أنني دمية، وأن يهبني شيئاً من حياة أخرى، فإنني سوف أستثمرها بكل قواي. ربما لن أقول كل ما أفكر به، لكنني حتماً سأفكر في كل ما سأقوله. سأمنح الأشياء قيمتها، لا لما تمثله، بل لما تعنيه. سأنام قليلاً، وأحلم كثيراً، مدركاً أن كل لحظة نغلق فيها أعيننا تعني خسارة ستين ثانية من النور. سوف أسير فيما يتوقف الآخرون، وسأصحو فيما الكلّ نيام.

لو شاء ربي أن يهبني حياة أخرى، فسأرتدي ملابس بسيطة وأستلقي على الأرض، ليس فقط عاري الجسد وإنما عاري الروح أيضاً. سأبرهن للناس كم يخطئون عندما يعتقدون أنهم لن يكونوا عشاقاً متى شاخوا، دون أن يدروا أنهم يشيخون إذا توقفوا عن العشق. للطفـل سـوف أعطي الأجنحة، لكنني سأدعه يتعلّم التحليق وحده. وللكهول سأعلّمهم أن الموت لا يأتي مع الشيخوخة بل بفعل النسيان.

12 ديسمبر 2010

ترمي بشرر (مقنطفات من الرواية 2) - عبده خال

الروائي والقاص السعودي عبده خال
"منذ عشرات السنين ، انطلقت تكبيرات صلاة العيد، وكنت أهم بالإنتقال إلى بيوت الأقرباء من غير أن تطال ملابسي قاذورات الأزقة الملتوية، اعترضتني بقعة ماء موحلة، وكلما حاولت اجتيازها تمددت  سرت بمحاذاتها فاتسعت رقعتها، عدت أبحث عن الجانب الضيق منها كي أقفزه، وكنت أحاذر من أن تصل أوحالها القذرة إلى ثيابي الجديدة فتعكر صفاء العيد، فاحتجت وقتا ليس بالقصير لأن أنقل عددا من الحجارة والأخشاب وأعبد بها ممشاي كي أصل للجهة الأخرى.. بثياب نظيفة وقبل أن أكمل خطواتي المتأرجحة فوق الجسر الذي شيدته، كانت ثمة يد تلقي بصفيحة قاذورات من إحدى الأسطح المطلة فوق هامتي مباشرة! عندها لم يعد مجديا المحاذرة من قاذورات الشوارع، فعدت للبيت أكثر اتساخا، ومضى العيد وأنا أتناشج بحرقة ليس على اتساخ ملابسي الجديدة بل على ضياع العيدية، واتساءل:
هل تحرزنا وحذرنا مما في الأرض يقينا مما يلقى علينا من السماء ؟!
هذه هي الحكمة العظيمة التي تعلمتها وبسببها لم أحاذر بقية حياتي من أي دنس يعلق بي ، سعيت في كل الدروب القذرة وتقلدت سنامها ."

21 يوليو 2010

القلب الواشي | ادجار آلان بو - Edgar Allan poe


ادغار الان  بو مع غرابه الشهير (بورتريه) Edgar Allan poeنعم هذا صحيح.. أنا عصبي المزاج.. كنت عصبيا جدا. ولكني لست مجنونا.. لا لست مجنونا.. لا يسمى هذا جنونا. مرضي هذا جعل حواسي أكثر حدة.. لا لم يدمرها ولم يضعفها بل بالعكس زاد من سمعي.. سمعت كل ما دار في السماء من فوقي وفي الأرض من تحتي.. بل حتى سمعت الكثير مما دار في الجحيم.. فكيف إذن تتهمونني بالجنون؟ اسمعوا.. اصفوا الي.. سأروي لكم القصة من ألفها الى يائها.. لاحظوا.. لاحظوا ثقتي بنفسي وهدوء أعصابي وأنا أروي لكم قصتي..
من المستحيل لأحد أن يعرف كيف دخلت الفكرة رأسي ولكن.. ولكن ما إن تبلورت الفكرة في رأسي حتى استحوذت على تفكيري وأصبحت تؤرقني ليل نهار.. لم.. لم يكن لدي سبب أو هدف للقيام بما فعلته.. ولكن.. كنت أحب الرجل العجوز... لم يظلمني أبدا.. ولم يسبق له أن أهانني يوما أبدا.. ولا تعتقدوا أن الذهب الذي يملكه أغراني.. لا.. لا.. لا!!! بل ما كان يهيج تفكيري أعظم من ذلك.. نعم.. أعظم.. انها.. انها عينه.. نعم.. هي.. هي عينه اللعينة.. ولا شيء غيرها.. كانت.. كانت.. عينه أشبه بعين النسر!! عين زرقاء شاحبة اللون.. كانت تحوي قصة ما.. نعم.. وحينما تنظر إلي أشعر ان الدم يتجمد في عروقي.. وبعد ذلك.. بدأت الأفكار تتكون في رأسي الفكرة تلو الأخرى وقليلا.. قليلا قررت.. نعم.. قررت أن أضع حدا لحياة هذا العجوز.. وهكذا.. هكذا أخلص نفسي من تلك العين اللعينة للأبد.. آه.. للأبد..

17 يوليو 2010

جاذبية |جان ماري ج. لوكليزيو

JMG_Le_Clezio
أتذكر هذا اليوم جيدا، بعد عدة سنوات عديدة، لا تعني شيئا أذكر قدومي في كل لحظة، وأنا أراقب اللحظة التي تترك فيها الفتاة المكان المعتم الرطب كي تجلس وجدتها على الطريق المفروشة بالحصى. كانت شمس الشتاء تضيء ملابسها وشعرها، وتعكس لمعة بشرتها. في يوم ما، وجدت المقعد خاليا، والفتاة جالسة مكان جدتها، وعندما رأتني انتصبت واقفة،