19 يوليو 2010

يتيمة الدهر | المختارات | سيف الرحبي

سيف الرحبي
"قافلة تسير في ليل دامس. من غير حداء ولا دليل ولا كلاب تنبح: "
"جنازة الليل الكبرى تمخر عباب الزمن ."
"في وقت من أوقات الغروب، ينفجر فيه قلب النيازك مشعلة حرائق في السماء، تصفية لحساب قديم، جراحا لا تشفى. "

"ذلك الغضب الذي ينتابنا في أوقات فراغ ما؟ تلك القوة الهادرة في الأعماق. ما يشبه انتقاما لا واعيا من مبدأ الكينونة نفسه. ربما هو الذي أشعل حروب العالم."
"تلك المرأة التي كان الجمال غريزة حياتها الكبرى. تتغذى من مراعيه كما يتغذى النحل من الأزهار. منعمة حتى في الشقاء: هبة السماء لمتسكع لا يحلم بشيء. "
"العلبة التي رميتها البارحة على حافة الساقية، مشعة في ضوء البروق بعزلتها الصباحية، تدافع عن حقها في الوجود ضد القدم الساحقة. "
"كل تلك الأوقات التي صرفناها بالتفكير في الموت. كل تلك الارتجافات والهواجس، وهو لم ينفق لحظة في التفكير فينا. وحين يأتي بصواعقه المباغتة. ليس ثمة مجال التفكير. ليس ثمة كائن اصلأ. أي نبع لا يطاله الجفاف مقذوف في عرينك أيها الفناء؟ "
"الحقيقة البشرية عارية في لهب المغيب."
"يلتقي الغرباء صدفة في الحدائق العامة، ليقرأ كل واحد حيرته العريقة في وجه الآخر من غير سلام ولا كلام. "
"طائر يصدح على نافذتي كل يوم، يمنحني لحنه النهاري هدية من حبيب بعيد."
"ليس للموت حسابات مسبقة، حسابه الوحيد حصد الأرواح من غير ,عد ولا حساب. "
"دعك مما يقوله الآخرون. أي سر سيبوح به هذا المساء. أي قصف ستتبادله مع هوام الليل وثيران البحار. "
"يغرز يده في عشب امرأة حتى يصل إلى قاع الأبدية. "
يصف أنثى عجوز "...وحيدة مليئة بالعزلة والبحث اللامجدي عن الآخر..."
"الكتابة كالحب توسع شرنقة المكان. تغوص فيه لتستخرج أبعاده الخفية وتبتكر أبعادا أخرى اكثر جمالا. تحول القبر إلى فضاء فسيح والحصار إلى جنة موعودة. هكذا بقدرة سحرية لا يعود الكائن هو الكائن ولا المكان هو المكان."
"مطر ورياح وفيالق سحب تغري الشياطين بالسباحة في الافق. "
"غالبا ما يكون الحلم عن الأوغاد، حجر عثرة أمام الحياة. "
"ليل بعده نهار ونهار بعده ليل. فصول متعاقبة في دورتها الفلكية. نجوم في السماء وبشر وحيوانات على الارض، موت في حياة وحياة في موت بصحراء لامتناهية. أليس من تصحيح ممكن لسقطة الوجود الأولى؟ "
"بركان يتلوى من فرط احتقانه كي يجهش بالبكاء. "
يحكي "...قالت انها تجلس بنفس المكان الذي جلسنا فيه ذات يوم امام البحيرة. قلت المكان يمكن استعادته في الادب والمخيلة لكن من الصعب على صعيد الواقع. يلزمنا لمسة ربانية بالغة الشفافية والحنان لاستعادة بعض ما مضى. لكن الذكريات ربما ملاذ لنا من الاندثار.."
"يجلس الغرباء في الزوايا كأنما يؤصلون عزلة سحيقة في النفس والمكان. "
"روح اللامبالاة ببهوها الشائع، هي التي أبقتنا أحياء والا فطسنا منذ زمن بعيد. "
"حشرة تزمجر في الأواني الفخارية المركوزة منذ زمن في ركن البيت القديم: كم من العصور تزمجر، هادرة في أعماق المكان."
"تتساقط الأيام مطرا ثقيلا على رأسك، مطرا أسود وأنت تحدق في نهر لا أول له ولا آخر، نهر المخيلة الذي يجرف الوقائع والأشياء والحيوانات إلى مثواها الأخير، صانعا منها عجينة الكائن الموغل في فنائه."
"لماذا يستفيد من دروس حياته ؟ وأي مسار سيصحح بها، في ظل هذا التشوش والاختلاط. في ظل انهيار الجهات جميعها. حيث لا يتراءى للعين الا شبح الموت وحيدا مشرقا في ربوع الصحراء؟"
"في هنيهة عابرة (غالبا في الصباح من غير سهرة قاصفة ) يحتضن أيامه كنساء عاشقات. "
"تنفجر البرودة في قلب المنظر العام للورود، معبرة عن قدرتها في التحول إلى غابة. "
"امرأة السرير غيرها امراة المخيلة. ولا تجمعنا الا في لحظات تشبه بروقا عابرة."
يحكي " ... والموت العدالة الوحيدة على هذه الأرض.."
"كان ينتظرها في القرية الوادعة على مشارف جبل قاف، لتضفي مسحة جمال على روحه الخيبة، لكنها لم تأت. "
"أولئك النساء اللواتي توارين في الغياب. هل بقي فم صالح للقبلة مثل مكان للسكني، بعد أن افسد الدخان والخراب كل شيء؟"
قرية شوبنغن - ألمانيا، 2000م

* مُقتطفات - " قوس قزح الصحراء " سيف الرحبي - كولونيا ، ألمانيا 2003م .
المختارات | خاص المسيرة الإلكتروني
شاعر عماني ورئيس تحرير مجلة نزوى الثقافية الفصلية التي تصدر في مسقط. ولد في قرية سرور بولاية سمائل العمانية سنة 1956. درس في القاهرة وعاش في أكثر من بلد عربي وأوروبي، عمل في المجالات الصحافية العربية. ترجمت مختارات من أعماله الأدبية إلى العديد من اللغات العالمية كالإنكليزية ، الفرنسية ، الألمانية ، الهولندية ، البولندية ، وغيرها .