18 يونيو 2010

سيرة ذاتية لسارق النار | عبدالوهاب البياتي


من "مطلع سيرة ذاتية لسارق النار"
“اللغةُ الصلعاء كانت تضعُ البيان والبديع فوق رأسها باروكةً 
وترتدي الجناس والطباق في أروقةِ الملوك في عصرِ الفضاء - السفن الكونية - الثورات .
كان شعراءُ الكديةِ الخصيان في عواصمِ الشرقِ على البطون في الأقفاص يزحفون ينمو القمل - الطحلبُ في أشعارهم ، 
وشعراءُ الحلمِ المأجور في الأبراج كانوا بالمساحيق وبالدهان يخفون شحوبَ ربةِ الشعرِ التي تشيخُ فوق قمةِ الأولمب 
كانوا يسرقونَ غارها الذابل في المتاحف - المزابل - النصوص
كانوا يجمعون ورق الخريف في مقابرِ المدارس الشعرية الدارسة ..
كان سارق النار مع الفصول يأتي حملا وصية الأزمان - الأنهار ..
يأتي راثياً :
يهجسُ في سباقِ خيلَ البشرِ الفانين في توهج الأرضِ التي حلَّ بها ..
بالرجلِ الشمس وبالمرأةِ القيثارة .. حُرين من الأغلال.."
-- -- --
من "الموت والقنديل"
“ها أنذا عارٍ عُري سماءٍ عذراء
حزينٌ حزن حصان غجري مسكون بالنار .."
-- -- --
من "قصيدة لم تكتمل"
“أرى جبينَ المرأةِ الأولى التي مارست الحب مع البرق
على طاولةِ التشريح بالحنوط والكتان
في العصر الجليدي تنام بعد أن ماتت خلايا الجسد الحية
والكاهن يتلو رقية سحرية
تستيقظ المرأة من سباتها العميق
ترنو لدمِ الشمس على الطاولةِ المسحورة
الكاهن يتلو رقيةً ..
يشقُّ في مبضعهِ الأضلاع
يستخرج من مناجم القلب : عروق الذهب ..
المرأةُ تبكي ..
يسجدُ الكاهن عند قدميها ميتاً .. 
ووردةٌ من يده تسقط فوق كفنِ الجليدْ "
-- -- --
من "القربان"
“يُسلخُ جلدُ الشاةِ بعد ذبحها
لكن جلدَ ذلك المنتظر - الانسان ، قبل ذبحه يسلخ في المنازل الأرضيه - المحاضرالسرية - الملاجئ -المحاكم - المصارف - المسالخ - الشوارع العارية - السجون ، 
يُشوى في جحيم الكلماتِ - اللغة - القوالب الجاهزة - القاموس ..
يستعير من أوراقه الأجنحة - السماءَ
كان الشعراء يطبخون الموتَ والطيور فوق رؤوسهم 
وكنت في الجبال أصطاد لك الفراشة -الوعل - الغزال -القمر .
المنجمون احتشدوا في مدن الطفولة 
البحرُ على السواحل - الممالك - الأبواب : هل غيَّر وهو صامت لغتهُ وصوتهُ ؟
والطائر المنحوت في وجهك : هل مزَّق في الحلم قناعَ العاشق ؟
الحلاج كان بقميص الدم مشبوحاً على القامــــــــــــــــوس
في عيونه مدينةٌ أصابها الطاعون
.. ."
-- -- --
* مُقتطفات من قصائد