‏إظهار الرسائل ذات التسميات القصة العالمية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات القصة العالمية. إظهار كافة الرسائل

2 أغسطس 2012

الأفعى الزرقاء ( قصة قصيرة) - الطاهر بن جلون

الطاهر بن جلون
1

أحب السفر بالمركب. فالمركب في هذا الزمن، زمن السرعة وازدحام الأجواء، يعد ترفا يستغرق السفر فيه وقتا كافيا. إنه مناسبة لعدم التفكير في شيء، ولإعداد النفس لدخول إيقاع جديد. الوقت صيف وأنا كنت على المركب المسمى "مراكش"، الذي يصل بين سيت وطنجة. بالكاد أصبحت على متن المركب حتى قدم نحوي رجل قصير القامة، خمسيني، فاتحا ذراعيه. حياني وعانقني. لم أكد قد رأيت هذا الرجل قط. اضطربت قليلا ولم أقل شيئا ظاهريا، يفترض أن يكون هذا احتقارا، خطأ، أو تشوشا يعود للشبه بيني وبني أحد يعرفه. لا. طمأنني الرجل أن الموضوع ليس شيئا من ذلك.

31 يوليو 2012

موتُ فراشةِ العثّ (قصة قصيرة) فرجينيا وولف

فيرجينيا وولف
لا ينبغي تسميةُ فراشاتِ العثِّ التي تطيرُ في النهار فراشاتِ عث؛ إنها لا تثير ذلك الإحساسَ الساحرَ لليالي الخريفِ المعتمةِ وزهرِ اللبلابِ الذي لا تخطئ فراشةُ العثِّ ذات الجناحِ الباطنيِّ الأصفرِ، نائمةً في ظلِّ الستارةِ، إيقاظَه فينا. إنها كائناتٌ هجينةٌ، فلا هي زاهيةٌ كالفراشاتِ ولا هي قاتمةٌ كجنسِها. بَيْد أن النموذجَ الماثلَ أمامنا، بأجنحتِه النحيلةِ بلون القشِّ، مُهدَّبا بشرّابةٍ من اللونِ نفسِه، بدا قانعا بالحياة. كان يوما لطيفا، منتصفَ أيلول، معتدلا، هادئا، إلا أن له نسمةً أحمى من نسمةِ أشهرِ الصيف. كان المحراثُ قد بدأ يخدشُ الحقلَ المواجهَ للنافذةِ، وحيثما مرّت شفرةُ المحراثِ، فإن الأرض قد سُوِّيت وتبرق نداوةً. دخلتْ تلك الحيويةُ متدفقةً من الحقولِ والسهبِ البعيد لدرجة أن إبقاءَ النظرِ مركزا على الكتابِ غدا صعبا. الغربانُ أيضا كانت تقيم أحدَ احتفالاتِها السنويةِ، وهي تحلّقُ فوق رؤوسِ الأشجارِ حتى بدا الأمر وكأن شبكةً عريضةً بآلافِ العُقَدِ السوداءِ قد رُميت في الجو، ثم نزلت ببطءٍ بعد لحظاتٍ قليلةٍ على الأشجارِ حتى بدا كلُّ غصنٍ بعُقدةٍ في نهايتِه. ثم تُنفضُ الشبكةُ مرةً أخرى في الهواءِ، في دائرةٍ أوسع هذه المرة، بأقصى ما يكون من صياحٍ وجلبةٍ، كما لو كان رميُها في الهواء واستواؤها ببطءٍ على قممِ الأشجارِ تجربةً في منتهى الإثارة.

21 يوليو 2010

القلب الواشي | ادجار آلان بو - Edgar Allan poe


ادغار الان  بو مع غرابه الشهير (بورتريه) Edgar Allan poeنعم هذا صحيح.. أنا عصبي المزاج.. كنت عصبيا جدا. ولكني لست مجنونا.. لا لست مجنونا.. لا يسمى هذا جنونا. مرضي هذا جعل حواسي أكثر حدة.. لا لم يدمرها ولم يضعفها بل بالعكس زاد من سمعي.. سمعت كل ما دار في السماء من فوقي وفي الأرض من تحتي.. بل حتى سمعت الكثير مما دار في الجحيم.. فكيف إذن تتهمونني بالجنون؟ اسمعوا.. اصفوا الي.. سأروي لكم القصة من ألفها الى يائها.. لاحظوا.. لاحظوا ثقتي بنفسي وهدوء أعصابي وأنا أروي لكم قصتي..
من المستحيل لأحد أن يعرف كيف دخلت الفكرة رأسي ولكن.. ولكن ما إن تبلورت الفكرة في رأسي حتى استحوذت على تفكيري وأصبحت تؤرقني ليل نهار.. لم.. لم يكن لدي سبب أو هدف للقيام بما فعلته.. ولكن.. كنت أحب الرجل العجوز... لم يظلمني أبدا.. ولم يسبق له أن أهانني يوما أبدا.. ولا تعتقدوا أن الذهب الذي يملكه أغراني.. لا.. لا.. لا!!! بل ما كان يهيج تفكيري أعظم من ذلك.. نعم.. أعظم.. انها.. انها عينه.. نعم.. هي.. هي عينه اللعينة.. ولا شيء غيرها.. كانت.. كانت.. عينه أشبه بعين النسر!! عين زرقاء شاحبة اللون.. كانت تحوي قصة ما.. نعم.. وحينما تنظر إلي أشعر ان الدم يتجمد في عروقي.. وبعد ذلك.. بدأت الأفكار تتكون في رأسي الفكرة تلو الأخرى وقليلا.. قليلا قررت.. نعم.. قررت أن أضع حدا لحياة هذا العجوز.. وهكذا.. هكذا أخلص نفسي من تلك العين اللعينة للأبد.. آه.. للأبد..

17 يوليو 2010

جاذبية |جان ماري ج. لوكليزيو

JMG_Le_Clezio
أتذكر هذا اليوم جيدا، بعد عدة سنوات عديدة، لا تعني شيئا أذكر قدومي في كل لحظة، وأنا أراقب اللحظة التي تترك فيها الفتاة المكان المعتم الرطب كي تجلس وجدتها على الطريق المفروشة بالحصى. كانت شمس الشتاء تضيء ملابسها وشعرها، وتعكس لمعة بشرتها. في يوم ما، وجدت المقعد خاليا، والفتاة جالسة مكان جدتها، وعندما رأتني انتصبت واقفة،

23 يونيو 2010

ضوء مثل الماء | غابرييل جارسيا ماركيز/ Gabriel García Márquez (القصة العالمية)

في عيد الميلاد، عاد الطفلان الى طلب زورق التجديف.
قال الأب:
حسن، سنشتريه حين نعود الى كارتاخينا.
لكن توتو، في التاسعة من عمره، وجويل في السادسة، كانا أشد تصميماً مما اعتقده أبواهما. فقد قالا معاً:
-لا. إننا نحتاجه الآن وهنا.
قالت الأم: أولاً لا يوجد ماء للإبحار سوى الماء الذي ينزل من الدش.
وقد كانت هي وزوجها على حق، ففي بيتهم في كارتاخينا دي اندياس يوجد فناء فيه رصيف على الخليج، ومكان يتسع ليختين كبيرين، أما هنا في مدريد فيعيشون محشورين في شقة في الطابق الخامس من المبنى رقم «47»
في شارع باسيودي لاكاستيانا. ولكنهما في النهاية لم يستطيعا هو أو هي، أن يرفضا، لأنهما كانا قد وعدا الطفلين بزورق تجديف مع آلة سدس وبوصلة، فإذا فازا بإكليل الغار في السنة الثالثة ابتدائية، وقد فازا به. وهكذا اشترى الأب كل شيء، دون أن يخبر زوجته، وهي الأكثر معارضة لتحمل ديون من أجل الألعاب، كان زورقاً بديعاً من الألمونيوم، مزين بخط ذهبي عند حد الغطاس. وقد كشف الأب السر عند الغداء.